(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٢١)
النشوز وإيذاء الزوج وأهله بالبذاء ، أي إلا أن يكون سوء العشرة من جهتهنّ فقد عذرتم في طلب الخلع ، وعن الحسن الفاحشة الزنا ، فإن فعلت حلّ لزوجها أن يسألها الخلع (مُبَيِّنَةٍ) وبفتح الياء مكي وأبو بكر ، والاستثناء من أعمّ عام الظرف أو المفعول له ، كأنّه قيل ولا تعضلوهن في جميع الأوقات إلا وقت أن يأتين بفاحشة ، أو ولا تعضلوهن لعلة من العلل إلا لأن يأتين بفاحشة ، وكانوا يسيئون معاشرة النساء فقيل لهم (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وهو النّصفة في المبيت والنفقة ، والإجمال في القول (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَ) لقبحهنّ أو سوء خلقهنّ (فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ) في ذلك الشيء أو في الكره (خَيْراً كَثِيراً) ثوابا جزيلا أو ولدا صالحا ، والمعنى فإن كرهتموهنّ فلا تفارقوهنّ لكراهة الأنفس وحدها فربما كرهت النفس ما هو أصلح في الدين وأدنى إلى الخير وأحبت ما هو بضد ذلك ، ولكن للنظر في أسباب الصلاح ، وإنّما صحّ قوله فعسى أن تكرهوا جزاء للشرط لأنّ المعنى فإن كرهتموهنّ فاصبروا عليهنّ مع الكراهة فلعلّ لكم فيما تكرهونه خيرا كثيرا ليس فيما تحبونه.
وكان الرجل إذا رأى امرأة فأعجبته بهت التي تحته ورماها بفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها فقيل :
٢٠ ـ (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) أي تطليق امرأة وتزوّج أخرى (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَ) وأعطيتم إحدى الزوجات ، فالمراد بالزوج الجمع لأنّ الخطاب لجماعة الرجال (قِنْطاراً) مالا عظيما كما مر في آل عمران ، وقال عمر رضي الله عنه على المنبر لا تغالوا بصدقات النساء ، فقالت امرأة أنتبع قولك أم قول الله : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) فقال عمر : كلّ أحد أعلم من عمر تزوجوا على ما شئتم (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ) من القنطار (شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) أي بيّنا ، والبهتان : أن تستقبل الرجل بأمر قبيح تقذفه به وهو بريء منه لأنّه يبهت عند ذلك أي يتحيّر ، وانتصب بهتانا على الحال ، أي باهتين وآثمين.
ثمّ أنكر أخذ المهر بعد الإفضاء فقال :
٢١ ـ (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) أي خلا بلا حائل ، ومنه الفضاء ، والآية حجة لنا في الخلوة الصحيحة أنّها تؤكد المهر حيث أنكر الأخذ