وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (٢٤)
(بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) فلا حرج عليكم في أن تتزوجوا بناتهنّ إذا فارقتموهنّ أو متن (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ) جمع حليلة وهي الزوجة ، لأنّ كلّ واحد منهما يحلّ للآخر ، أو يحلّ فراش الآخر من الحلّ أو من الحلول (الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) دون من تبنيتم ، فقد تزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم زينب حين فارقها زيد وقال الله تعالى : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) (١) وليس هذا لنفي الحرمة عن حليلة الابن من الرّضاع (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) أي في النكاح ، وهو في موضع الرفع عطف على المحرمات ، أي وحرّم عليكم الجمع بين الأختين (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ولكن ما مضى مغفور بدليل قوله (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) وعن محمد بن الحسن رحمهالله أنّ أهل الجاهلية كانوا يعرفون هذه المحرمات إلا نكاح امرأة الأب ونكاح الأختين فلذا قال فيهما : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ).
٢٤ ـ (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) أي ذوات الأزواج لأنهنّ أحصنّ فروجهنّ بالتزوج ، قرأ الكسائي بفتح الصاد هنا وفي سائر القرآن بكسرها ، وغيره بفتحها في جميع القرآن (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) بالسبي وزوجها في دار الحرب ، والمعنى وحرّم عليكم نكاح المنكوحات أي اللاتي لهنّ أزواج إلا ما ملكتموهنّ بسبيهنّ وإخراجهنّ بدون أزواجهنّ لوقوع الفرقة بتباين الدارين لا بالسبي ، فتحلّ الغنائم بملك اليمين بعد الاستبراء (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) مصدر مؤكد ، أي كتب الله ذلك عليكم كتابا وفرضه فريضة ، وهو تحريم ما حرّم ، وعطف (وَأُحِلَّ لَكُمْ) على الفعل المضمر الذي نصب كتاب الله ، أي كتب الله عليكم تحريم ذلك وأحل لكم (ما وَراءَ ذلِكُمْ) ما سوى المحرمات المذكورة ، وأحلّ كوفي غير أبي بكر ، عطف على حرّمت (أَنْ تَبْتَغُوا) مفعول له ، أي بيّن لكم ما يحلّ مما يحرم لأنّ تبتغوا ، أو بدل مما وراء ذلكم ، ومفعول تبتغوا مقدر وهو النساء ، والأجود أن لا يقدر (بِأَمْوالِكُمْ) يعني المهور ، وفيه دليل على أنّ النكاح لا يكون إلا بمهر ، وأنّه يجب وإن لم يسمّ ، وأنّ غير المال لا يصلح مهرا ، وأنّ القليل لا يصلح مهرا إذ الحبة لا تعد مالا عادة
__________________
(١) الأحزاب ، ٣٣ / ٣٧.