(ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (١٠٨) يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (١٠٩)
حمزة وأبو بكر على أنه وصف للذين استحقّ عليهم مجرور ، أو منصوب على المدح ، وسمّوا أوّلين لأنهم كانوا أوّلين في الذكر في قوله شهادة بينكم (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) أي ليميننا أحق بالقبول من يمين هذين الوصيّين الخائنين (وَمَا اعْتَدَيْنا) وما تجاوزنا الحقّ في يميننا (إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) أي إن حلفنا كاذبين.
١٠٨ ـ (ذلِكَ) الذي مر ذكره من بيان الحكم (أَدْنى) أقرب (أَنْ يَأْتُوا) أي الشهداء على نحو تلك الحادثة (بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) كما حملوها بلا خيانة فيها (أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) أي تكرر أيمان شهود آخرين بعد أيمانهم فيفتضحوا بظهور كذبهم (وَاتَّقُوا اللهَ) في الخيانة واليمين الكاذبة (وَاسْمَعُوا) سمع قبول وإجابة (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) الخارجين عن الطاعة ، فإن قلت ما معنى أو هنا؟ قلت معناه ذلك أقرب من أن يؤدّوا الشهادة بالحق والصدق إمّا لله ، أو لخوف العار والافتضاح بردّ الأيمان ، وقد احتج به من يرى ردّ اليمين على المدعي ، والجواب أن الورثة قد ادّعوا على النصرانيين أنهما قد اختانا ، فحلفا ، فلما ظهر كذبهما ادعيا الشراء فيما كتما ، فأنكرت الورثة ، فكانت اليمين على الورثة لإنكارهم (١) الشراء.
١٠٩ ـ (يَوْمَ) منصوب باذكروا أو احذروا (يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) ما الذي أجابتكم به أممكم حين دعوتموهم إلى الإيمان؟ وهذا السؤال توبيخ لمن أنكرهم ، وماذا منصوب بأجبتم نصب المصدر على معنى أيّ إجابة أجبتم (قالُوا لا عِلْمَ لَنا) بإخلاص قومنا ، دليله (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) أو بما أحدثوا بعدنا ، دليله (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) (٢) أو قالوا ذلك تأدبا أي علمنا ساقط مع علمك ومغمور به فكأنه لا علم لنا.
__________________
(١) في (ز) لانكارهما.
(٢) المائدة ، ٥ / ١١٧.