وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ
____________________________________
(وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) ما حولهم وإنما كان هذا مثلا لهم ، لأن المنافق بإيمانه الظاهري ، يعبّد لنفسه سبيل الحياة ، وينور في طريقه ، فإن الإيمان نور ، وسبب لهداية الإنسان إلى الحق والعدل والخير ، فإذا قبض الله أرواحهم تركهم ، كسائر الكفار في نار وعذاب ، حين يقبض الله أرواح المؤمنين ، إلى نور أوسع ورحمة أكبر ، فهؤلاء المنافقون :
[١٩] (صُمٌ) جمع أصم ، لأنهم لا ينتفعون بالحق ، فهم والأصم سواء (بُكْمٌ) جمع أبكم ، وهو الأخرس ، لأنهم لا يقولون الحق فهم والأبكم سواء (عُمْيٌ) جمع أعمى ، لأنهم لا يبصرون الحق ، فهم والأعمى سواء (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) عن غيهم وضلالهم ، و «ف» ، للإشارة إلى أنهم حيث صموا وأبكموا وعملوا لم يرج فيهم الخير ، فإنه (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ) (١).
[٢٠] (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) مثال آخر لحال المنافقين ، والفرق بين المثالين ، إن المثال الأول ، كان مثالا للمنافق نفسه ، وهذا المثال مثال الحق الذي يغمر المنافق ، لكنه لا ينتفع به والصيب هو المطر ، فالحق الذي يغمر هؤلاء كمطر ينزل من السماء (فِيهِ ظُلُماتٌ) ظلمة السحاب وظلمة المطر ، لأنه يحول بين الضياء وبين الأرض ، وظلمة
__________________
(١) الأنبياء : ٤٦.