يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)
____________________________________
أو بصره ، وهذا توضيح المثال بتطبيقه على المورد أن «الصيب» هو الحق النازل على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم و «البرق» هو تقدم المسلمين ، وما يسبب لهم إنارة الطريق ، و «الرعد والصاعقة» إيعادات الرسل ، والأهوال المكتنفة بالدعوة ، والمنافقون كمن ابتلى بهذا الصيب في الصحراء ، فالحق كالمطر فيه الحياة ، لكن فيه ظلمات غلبة الكفار ، وذهاب الأنفس والأموال والثمرات ، وفيه برق ينير طريق الحياة السعيدة ، وفيه رعد وصاعقة مواعيد الرسول ، وفضيحة المنافقين ، وهؤلاء المنافقون تكاد سرعة تقدم المسلمين ، تعميهم ، فإن العين إذا نظرت إلى ما لا يسرها اضطربت ودمعت ، كلما أضاء لهم ، بأن غلبوا في الحرب ، وحصلوا على الغنائم ، اتبعوا الرسول ، وإذا أظلم عليهم ، بأن غلب عليهم الكفار ، وقفوا وقاموا في مكانهم ، لا يعلمون ولا يتقدمون وهم يخافون من الفضيحة ، إن نزلت آية في شأن المنافقين ، فيجعلون أصابعهم في آذانهم ، حتى لا يسمعونها ، أو يتغافلون عنها ، كي لا يرى أثر الانهزام في وجوههم ، فإن الإنسان المجرم إذا سمع ما يمس إجرامه ظهرت الصفرة وآثار الانهزام على وجهه ، لكن الله قادر على إماتتهم ، كما هو قادر على فضحهم والذهاب بسمعهم وبصرهم ، فليسوا هم في راحة من نفاقهم ـ كما زعموا ـ بل هم في أشد ابتلاء ومحنة.
[٢٢] (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ) خلق (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وكان السبب في الخلق (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي خلقكم للتقوى