هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ
____________________________________
(هُنَ) أي تلك الآيات المحكمات (أُمُّ الْكِتابِ) أي أصله الذي يرجع إليه لدى الشك والخصام والجدال.
(وَأُخَرُ) أي آيات أخر (مُتَشابِهاتٌ) والمتشابه هو الذي يحتمل وجهين أو وجوها مما سبب عدم إدراك الناس كلهم لها ، من تشابه ، وإنما يؤتى به إما امتحانا حتى يعرف المؤمن من المنافق أو لتقريب المطلب إلى أذهان الناس الذين لا يدركون الحقائق ككثير من آيات الصفات ونحوها كقوله سبحانه : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (١) حيث أريد التفهيم من أن المؤمنين ينظرون إلى رحمة الله ، أو كقوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) (٢) أو لأن المطلب دقيق لا تتحمله بعض العقول كآيات الجن والشيطان مما لا يتحملها عقل من إلف المادة فيشتبه الأمر عليه أو لأنه جيء به لاعتبار كلامي فاشتبه الأمر نحو (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) (٣) أو غير ذلك ، والمتشابه مما لا بد منه في الكلام الراقي كما لا يخفى بأدنى تأمل (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) أي ميل عن الحق وانحراف إما جهلا أو عنادا (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) اتباعا على خلاف المراد منه ويوجهون المتشابه حسب أهوائهم ومشتهياتهم كما يقول القائل
__________________
(١) القيامة : ٢٤.
(٢) البقرة : ٣٠.
(٣) التوبة : ٦٧.