ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ
____________________________________
بالتجسم من (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) وبالجبر من (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (١) وبمعصية الأنبياء عليهمالسلام من (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (٢) ويكون الإسلام خاصا بالعرب من (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) (٣) وهكذا (ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ) أي لأجل تفتين الناس وإضلالهم (وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) أي لأجل أن يكون له مجال في تأويل الكلام على غير المراد منه ليطابق هواه ومشتهاه (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ) التأويل هو ما يؤول وينتهي إليه الكلام فمثلا ظاهر (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) إنهم ينظرون إلى الله لكن هذه الجملة تؤوّل إلى معنى أنهم ينظرون إلى رحمة الله ولطفه وثوابه ، كما يقال في العرف «إني أنظر إلى العقل وهو يسيّر الإنسان» إنه لا يريد النظر بالعين وإنما عرفان ذلك (إِلَّا اللهُ) فهو سبحانه يعلم المراد من كلامه (وَالرَّاسِخُونَ) أي الثابتون (فِي الْعِلْمِ) الذين لهم اطلاع على المعلومات وبأساليب الكلام وبما يدل عليه العقل والشرع وهذا ليس ببدع فإن القوانين المدنية لا يعرفها إلا من درسها وأتقنها وأساليب الكلام العربي لا يعرفها إلا من أتقن الأدب والبلاغة وهكذا ، إن الراسخين يعلمون تأويل المتشابه في حال كونهم (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) أي بالمتشابه كما آمنا بالمحكم (كُلٌ) من المحكم والمتشابه
__________________
(١) الرعد : ٣٤.
(٢) طه : ١٢٢.
(٣) الزخرف : ٤٥.