وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (١٣) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ
____________________________________
فلم يكن ذلك خيالا وإنما واقعا فإن الكفار في الواقع كانوا أكثر ، ومع ذلك فقد غلب المسلمون ، ولعل النكتة في ذكر ذلك بيان أن المسلمين غلبوا مع أنهم كانوا يعلمون بزيادة الكفار عليهم وإن ذلك يدل أن الله نصرهم وإلا فإن الجيش إذا علم أن العدو أكثر منه وهن في عضده ويسبب ذلك انهزامه في أكثر الأحيان ، وفي الآية أقوال أخر مذكورة في التفسيرات (وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ) أي يقوي بنصره فلا يضرهم قلة عددهم وعدتهم (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور وهو غلبة المسلمين على المشركين مع أن الكفار كانوا ثلاثة أضعافهم (لَعِبْرَةً) أي اعتبار وهي بمعنى الآية وإنما سميت الآية عبرة لأنها تعبر بالإنسان من الجهل والغفلة إلى العلم والتذكير (لِأُولِي الْأَبْصارِ) أي أصحاب العقول ، وليس المراد بالبصر النظر بالعين وإنما النظر بالقلب كما يقال فلان بصير بالأمور أي يعرفها ويدركها.
[١٥] وهنا يتساءل الإنسان ماذا صرف الكفار عن الحق وهم يرونه؟ ويأتي الجواب إن الذي صرفهم هو جمال الدنيا ومالها كما قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام «لكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها» (١) (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ) أي أن حب الإنسان للمشتهيات والملذات سبب لهم أن تتزين الدنيا في نفوسهم فيطلبون اللذائذ ولو
__________________
(١) نهج البلاغة : خطبة ٣ ـ ١٥.