مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤)
____________________________________
في المحرمات ولم يذكر الفاعل ، لأنه ليس بمقصود وقد تقرر في علم البلاغة أن مقتضاه أن لا يذكر الفاعل أو المفعول حيث لم يكن مقصودا (مِنَ النِّساءِ) بيان «الشهوات» (وَالْبَنِينَ) فإن حب الأولاد يسبب إطاعتهم والتحفظ عليهم ولو بذهاب الدين (وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ) القناطير جمع «قنطار» وهو ملء مسك ثور ذهبا وإنما سمي قنطارا لأنه يكفي للحياة فكأنه قنطرة يعبر بها مدة الحياة ، والمقنطرة بمعنى المجتمعة المكدسة كقولهم دراهم مدرهمة ودنانير مدنرة (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) فإن الإنسان بحبه للأموال يعصي الله في جمعه وفي عدم إعطاء حقوقه (وَالْخَيْلِ) عطف على النساء ، والخيل الأفراس (الْمُسَوَّمَةِ) من سوم الخيل التي علمها ولا تعلم إلا الجيد الحسن منها (وَالْأَنْعامِ) جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم (وَالْحَرْثِ) أي الزرع فهذه كلها محببة للناس ، لكن (ذلِكَ) كله (مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي ما يستمتع به في الدنيا ولا تنفع الآخرة إلا إذا بذلت في سبيل الله ـ كل حسب بذله ـ (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) المرجع أي أن المرجع الحسن في الآخرة منوط بالله سبحانه فاللازم أن يتزهد الإنسان في الملذات ولا يتناول المحرم منها رجاء ثواب الله ونعيمه المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، فلا تسبب هذه المشتهيات عدول الإنسان عن الحق إلى الباطل وعن الرشاد إلى الضلال.