لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ
____________________________________
وإعادة نظره إلى العبد (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ) العمل المحرّم (بِجَهالَةٍ) الظاهر أنه ليس المراد بالجهالة الجهل مقابل العلم ، بل المراد مطلق العصيان ، فإنها وإن صدرت عن عمد ، لكن حيث أنها يدعو إليها الجهل بما يترتب عليه الذنب ، يصح أن يقال : أنها عن جهل ، وليس القيد احترازيا حتى يقال : فما هو السوء بغير جهالة؟ بل فائدته أن السوء لا يصدر إلا عن جهل (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) قبل أن يروا علائم الموت (فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) يرجع عليهم بمحو ذنوبهم وإعادة لطفه عليهم (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بمصالح العباد فيحكم بمقتضى علمه (حَكِيماً) يضع الأشياء في مواضعها حسب ما تقتضيه الحكمة.
[١٩] (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) المقبولة النافعة (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) المعاصي ، وإنما سميت سيئة لأنها تسيء إلى صاحبها (حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) بأن رأى آثاره من مشاهدة ملك الموت ونحوه (قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) فإنها توبة المضطر الذي يريد الخلاص من العقاب لا توبة النادم المطيع ، كما قال سبحانه في قصة فرعون : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (١) (وَلَا الَّذِينَ
__________________
(١) يونس : ٩٢.