الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ
____________________________________
[٦] (الْيَوْمَ) الذي تمّ فيه بيان كل الأحكام ، ونوجز المحللات فنقول : (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) وهذا عام يشمل الطيب من المآكل والمناكح والمساكن والملابس وغيرها بقرينة «والمحصنات» بخلاف الآية السابقة التي كانت خاصة بالمأكل بحكم السياق ، وهذه الآية تدل على كون الأصل في كل الأشياء الحلّ إلا ما خبث ، ومن المعلوم أن الخبث لا يميّز إلا بالشرع أو بالعقل نادرا (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي الذين أرسل لهم الكتاب السماوي كاليهود والنصارى والمجوس (حِلٌّ لَكُمْ) والطعام إما المراد به الحبوب ، كما هو المروي والمتعارف إلى اليوم ، فإن كلمة «باعة الأطعمة» أو ما أشبهها تنصرف إلى باعة الحبوب ، أو المراد به العام لكل طعام ، وقد استثني من ذلك الذبائح ، لقوله سبحانه : (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) (١) ، وألحق به غيره إجماعا ، كما استثني ما لامسة الكتابي برطوبته لأنهم مشركون لقوله سبحانه : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢) ، وفي آية أخرى حكم بنجاسة المشرك بقوله سبحانه : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) (٣) ، وتفصيل البحث في الفقه (٤).
وهنا سؤال يفرض نفسه وهو : ما الفائدة من هذا التنصيص والحال أن طعام غير أهل الكتاب حلّ أيضا؟ والجواب : إنه من باب المورد والقيد الغالب لابتلاء المسلمين به غالبا ، كما يدل على ذلك (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) ومن المعلوم أن طعام المسلم حلّ حتى
__________________
(١) البقرة : ١٧٤.
(٢) الأعراف : ١٩١.
(٣) التوبة : ٢٨.
(٤) موسوعة الفقه : ج ٣.