فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦)
____________________________________
(فَتَيَمَّمُوا) معنى الآية بالجملة : إن مريد الصلاة يلزم عليه الوضوء والغسل إن كان جنبا. وإن كان مريضا يضره الماء أو مسافرا أو مجامعا ، ولم يجد الماء للغسل أو الوضوء فليتيمّم ويبقى قوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) فإنه ليس في مرتبة تلك الأمور ، ولعل الإتيان به لمراعاة غلبة التخلي عند إرادة الصلاة.
وقد سبق أن التيمم مصدر باب التفعل بمعنى القصد ، أي اقصدوا (صَعِيداً) أي أرضا (طَيِّباً) ليس بنجس ولا مغصوب (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ) الباء للتبعيض ، أي بعض وجوهكم ، وهو من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى (وَأَيْدِيَكُمْ) من الزند إلى رؤوس الأصابع (مِنْهُ) أي مبتدءا بالمسح من ذلك الصعيد ، فاللازم أن يضرب باليدين على الأرض ثم يمسح بها ليصدق «منه».
(ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) من ضيق فأمره بالوضوء والغسل والتيمم ليس لأجل التضييق عليكم (وَلكِنْ يُرِيدُ) الله سبحانه (لِيُطَهِّرَكُمْ) وينظفكم من الأدران والأوساخ الظاهرية والباطنية ، أما تطهير الغسل والوضوء من الأدران فظاهر ، وأما تطهير التيمم فقد ثبت في العلم الحديث أن التراب يقتل الجراثيم بمرتبة أضعف من مرتبة الماء (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) بإرشادكم إلى مصالحكم كلها بعد ما أرشدكم إلى أكبر النعم وهو الإيمان (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) إياه بما أنعم