يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ
____________________________________
وتميل نحو الظلم والكفر. وجعله سبحانه قلوبهم قاسية ، بمعنى : تركه اللطف بهم حتى تردّت ملكة أخلاقهم ، كمن يعصي أستاذه في أوامره فيترك تدريسه وتهذيب أخلاقه حتى يصبح جاهلا ذا أخلاق سيئة.
(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) جمع كلمة (عَنْ مَواضِعِهِ) وتحريفهم الكلم على قسمين : قسم بمحو بعض التوراة ، وقسم بتأويله على غير المعنى المقصود منه.
(وَنَسُوا حَظًّا) أي قسما (مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) أي من الأحكام التي ذكّرناهم بها في التوراة فإنه قد فقد بعض التوراة مما لا يعلّمونه للناس ، أو المراد من «النسيان» أنه صار كالمنسي عندهم من جرّاء عدم العمل ، فإن النسيان يطلق على ما أهمله الإنسان يقال : «نسيني» أي أهملني ، وقال سبحانه : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) (١) ، (وَلا تَزالُ) يا رسول الله (تَطَّلِعُ) باستمرار (عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ) أي طائفة خائنة ، أو نفس خائنة ، إذا قالوا قولا خالفوه وإذا عاهدوا عهدا نقضوه ـ كما أراد بنو النظير الغدر به والخيانة بعد الميثاق ـ (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) إما استثناء من الجميع أو من الجملة الأخيرة ، فإن «قليلا منهم» ليسوا كذلك كعبد الله بن سلام ، أو إن «قليلا منهم» لا يخون (فَاعْفُ عَنْهُمْ) أي عن
__________________
(١) التوبة : ٦٧.