وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣) وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ
____________________________________
هؤلاء (وَاصْفَحْ) أي تجاوز ، فإنك لست منتقما ، وأن ذلك ليس من شأنك (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فإن العفو والصفح إحسان ، والإحسان محبوب حتى بالنسبة إلى المجرم.
[١٥] هذا كان شأن اليهود ، أما النصارى فليسوا أحسن حالا من اليهود في بعض الجهات (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) قولا باللفظ لا اعتقادا بالقلب ، كما تقول : فلان يقول إني مسلم ، تريد بذلك أنه ليس بمسلم حقيقة بل مسلم قولا (أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ) من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان بالرسل واتباع أوامر الله (فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) كما نسي اليهود ذلك من ذي قبل (فَأَغْرَيْنا) التسليط والتحرّش والتحريض (بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) فإنهم انقسموا إلى أقسام وأخذ بعضهم يعادي بعضا عداء لا مثيل له ، حتى إن عداء بعضهم بلغ إلى حد لم يبلغ عداؤهم لليهود والمسلمين والوثنيين ، وقد شهد التاريخ قديما مذابح في فرق النصارى ومعاداة الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس فعلا لا يحتاج إلى برهان ، وهذه إحدى معجزات القرآن الحكيم ، كإخباره عن ذلّة اليهود (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) (١).
__________________
(١) البقرة : ٦٢.