إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا
____________________________________
التوراة المحرّفة التي بأيدي اليهود اليوم ، فقد كان قسم من التوراة محفوظا عن التحريف إلى زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما أن المعلوم أن المراد كون التوراة في وقتها هدى ونور ، أما إذا جاء أهدى منها وأكثر نورا ونسخ قسما من أحكامها لم يعمل بالمنسوخ منها ، وذلك كما لو قلنا : أن القرآن هدى ونور ، يراد المجموع من حيث المجموع ، لا أنه يعمل به حتى بالنسبة إلى الآيات المنسوخ حكمها على تقدير تسليم النسخ في القرآن.
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً) يهتدي به الناس إلى سبل الحق (وَنُورٌ) ينير دروب الحياة المظلمة ـ ولعل العطف للبيان ـ (يَحْكُمُ بِهَا) أي بالتوراة (النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) لله وأذعنوا لحكمه ، ومن جملة أولئك الأنبياء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي حكم على طبقها في قصة الزاني والقاتل (لِلَّذِينَ هادُوا) أي أن الحكم إنما كان للذين هادوا أما غيرهم من النصارى والمسلمين فإنما يحكم بينهم حسب معتقدهم. وقد ثبت في الشريعة جواز الحكم لكل أهل كتاب بكتابهم. قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «والله لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزبور بزبورهم ، وبين أهل القرآن بقرآنهم» (١) ، كما ثبت قولهم عليهمالسلام : «ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم» (٢).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٣٠ ص ٦٧٢.
(٢) تهذيب الأحكام : ج ٩ ص ٣٢٢.