وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ
____________________________________
لكن من المعلوم أنه ليس كل الأحكام كذلك ، بل من الأحكام ما لا يجوز أن يحكم بها ، والقاعدة الكلية : أنه كل ما أجاز الإسلام أن يحكم به الحاكم على طبق دياناتهم جاز ذلك ، وكل ما لم يجز كان اللازم الرجوع إلى حكم الإسلام.
(وَ) يحكم بالتوراة (الرَّبَّانِيُّونَ) وهم المتدينون فإن «رباني» منسوب إلى «الرب» من غير قياس (وَالْأَحْبارُ) جمع «حبر» بالكسر و «حبر» بالفتح ، وهو العالم ، أي أن الأنبياء والأتقياء والعلماء يحكمون بالتوراة ، وإنما يحكم هؤلاء بالتوراة بسبب ما (اسْتُحْفِظُوا) أي استدعوا (مِنْ كِتابِ اللهِ) أي حيث أن الله سبحانه جعلهم حافظين للكتاب وائتمنهم عليه في أن يحكمون بموجبه (وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) أي أن النبيين والربانيين والأحبار كانوا شهداء على أن ما في الكتاب حق وصدق. والحاصل أن هؤلاء يحكمون بالتوراة لأنه وديعة عندهم وهم يشهدون بصدقه.
وحيث بيّن سبحانه أن التوراة يحكم بها أولئك الصفوة وأنهم محل وديعة والشهداء على صحته ، بيّن أن مقتضى ذلك أن يكون الإنسان المتصف بهذه الصفات شجاعا في إظهار أحكامه فلا يخون ولا يكتم ولا يخشى الناس (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ) في إظهار أحكام التوراة ومنها مسألة رجم الزاني وقتل القاتل (وَاخْشَوْنِ) في ترك أمري