المجتمع بهذين الأمرين أخذ يتقدّم نحو مدارج الإنسانيّة والحضارة الحقيقيّة حتى يصل إلى قمّة البشريّة ، وبلحاظ أنّ الصحيح رأس الفضائل لكونه إدراكا لأعظم حقيقة كونية من جهة ، ولكونه محفّزا شديدا نحو جميع أنواع الخير ، ومنفّرا قويّا من جميع أصناف الشرّ من جهة أخرى ، وهذه في مجموعها تكوّن أهمّ العناصر التي تقوم عليها سعادة البشريّة وأمنها وسلامها.
٢ ـ الأخوة الإسلاميّة ليزيد في أواصر المجتمع الواحد ، ويرفع الحواجز الطبقيّة أو الفئويّة ونحوها ، مستندا إلى قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (١) وكذلك قوله سبحانه : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) (٢).
٣ ـ الحرّيّة الإسلاميّة لكونها غاية البعثة وهدف الرسل والأنبياء عليهمالسلام ، وخصوصا خاتمهم وسيّدهم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مستندا إلى قوله تعالى : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) (٣) فإنّ النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم خلّص الناس من أغلال الاستبداد والجاهليّة بصورها المختلفة ، وفي هذا قال (قدس سرّه) : أغلال : جمع غلّ ، وهو ما يقيّد الإنسان يده أو رجله أو غيرهما ، فإنّ من خواصّ الإسلام أنّه يطلق الحرّيّات المعقولة ، فالسفر والإقامة والتجارة والزراعة والصناعة والبيع والاشتراء والكلام والكتابة والتجمّع وغيرها كلّها مباحة لا قيود لها إلّا بعض الشرائط الطفيفة التي هي في صالح المجتمع والفرد ، ولا يعلم مدى ذلك إلّا بالمقايسة إلى الأنظمة والمناهج الدنيويّة التي كلّها كبت واستعباد واستغلال (٤).
٤ ـ الشورى على مختلف الأصعدة والمجالات ابتداء من الأسرة إلى
__________________
(١) الحجرات : ١١.
(٢) آل عمران : ١٠٤.
(٣) الأعراف : ١٥٨.
(٤) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ٩ ، ص ٦٢ ، ذيل الآية ١٥٨ من سورة الأعراف.