الناس لا يعرفونها ، وفي ذلك يقول (قدس سرّه) : وهذا رمز بين الله ورسوله والراسخين في العلم (١).
وعلى الرغم من ذلك فإنّه لم يقف عند هذا السرّ العظيم بين الله سبحانه ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل حاول أن يظهر في كلّ مورد من موارده بعض غموضه ، أو يسلّط الضوء على بعض لغزه ، فمثلا في سورة يونس : فسّر حروفها المقطّعة بالتحدّي والإعجاز ؛ لكون «المر» التي تفتح بها السورة تركّب منها القرآن المعجز ، فإنّه من جنس كلام البشر لكنه معجز لا يتمكّن أحد أن يأتي بمثله ، كما أنّ من جنس المعادن والنبات يتركّب الإنسان لكن لا أحد يقدر على أن يأتي بمثله ، وكذلك جميع صنع الله سبحانه ... على الاختلاف في أوائل السور (٢).
وفي سورة هود قال عنها أيضا : إنّها رموز بين الله والخلق (٣).
وفي سورة يوسف فسّرها بالأخصّ من ذلك ، فقال عنها : رمز بين الله والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كالرموز بين رؤساء الحكومات وسفرائها (٤).
وفي سورة الرعد ذكر أنّ الأقوال في بيان معاني الحروف في فواتح السور تبلغ أربعة عشر قولا (٥) ، لكنّه قال (قدس سرّه) : الظاهر أنّه يمكن الجمع بين كثير منها (٦) ، ولعلّ جامعها هو الرمزيّة التي مال إليها بين الله والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه المتيقّن من المعاني.
ب ـ امتاز تفسيره (قدس سرّه) بالترابط الموضوعي بين معاني الآيات ،
__________________
(١) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ٢٦ ، ص ١٨ ، ذيل الآية ٢ من سورة الأحقاف.
(٢) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ١١ ، ص ٦٤ ، ذيل الآية ٢ من سورة يونس.
(٣) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ١١ ، ص ١٦٠ ، ذيل الآية ٢ من سورة هود.
(٤) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ١٢ ، ص ١١٠ ، ذيل الآية ٢ من سورة يوسف.
(٥) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ١٣ ، ص ٧٠ ، ذيل الآية ٢ من سورة الرعد.
(٦) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ١٤ ، ص ١٤ ، ذيل الآية ٢ من سورة الحجر.