٣ ـ تحفيزه لترك عقيدة الكفر والالتزام بالإسلام.
يقول (قدس سرّه) : النجاسة في الشريعة هي القذارة التي توجب الغسل للشيء الذي يباشره برطوبة ، وهذه النجاسة قد تكون لأضرار خارجيّة كالبول والغائط ، وقد تكون لأضرار معنويّة كالكافر ، فإنّه وإن كان نظيف الجسم إلّا أنّ معتقده السخيف أوجب الحكم بنجاسته ، وذلك خير وقاية للمسلمين من أن يعاشروه فيتلوّثوا بعقيدته الفاسدة ، فإنّهم إذا عرفوه نجسا وإنّه مهما باشر شيئا برطوبة تنجّس فورا منه اجتنبوه في المأكل والملبس ، فلا يتعدّى إليهم ما انطوى عليه من العقيدة الباطلة ، وهو بدوره إذ يعرف أنّه عند المسلمين كذلك لا بدّ وأن يسأل عن السبب ، ويريد إزالة هذه الوصمة ، ولدى تحقيق ذلك تظهر له خرافة معتقدة ممّا يسبب تركه له واعتقاده بالعقيدة الصحيحة.
وهناك بعض المتفلسفين يقولون : كيف يحكم بنجاسة إنسان ولزوم الاجتناب عنه لمجرد انحراف عقيدة وهذا مناف لحرية الآراء؟
والجواب : أنّه كيف يحكم بالاجتناب عن إنسان لمجرد أنّه مصاب بالجذام ونحوه لمجرد انحراف مزاج ، وهذا مناف لكرامة الإنسان. فإذا كان الخوف على الجسم يبيح الاجتناب فالخوف على الروح أولى بالإباحة (١).
ومن ذلك أيضا ما أجاب به أعلى الله مقامه عن بعض مزاعم العامّة في فضل الأوّل استنادا إلى آية الغار من سورة التوبة ، وأبطل الدعوى ، وعلّل تصدّيه لذلك بالدفاع عن حريم القرآن لكيلا يقحم فيه ما ليس منه ، وجرّ الآيات إلى الأنظار والأفكار جرّا بدون دلالة أو برهان بعد أن ورد الذمّ لمن فسّر القرآن برأيه (٢).
__________________
(١) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ١٠ ، ص ٧٣ ، ذيل الآية ٢٨ من تفسير سورة التوبة «بتصرف».
(٢) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ١٠ ، ص ٨٩ ، ذيل الآية ٤٠ من تفسير سورة التوبة.