ظاهره ولا من باطنه ، كما لا يعرف الفائدة الكاملة منه حالا ، ولا أوّل القرآن للمستمسك به والتارك له.
والسؤال هنا : إذا كان لا يعلم ظاهرها ولا باطنها ولا تفسيرها ولا تأويلها فما فائدة ذلك؟
والجواب : الإشارة والتلميح وإن كانت الحقيقة مخفيّة.
مثلا : إنّك إذا سمعت من إنسان ما لاقاه من الأهوال في حرب ضروس ، وأراك بعض التصاوير التي التقطها من تلك الحرب ، فإنّ الكلام والصورة لا شكّ يلمحان إلى حقيقة ، لكن هل تدرك بذلك هول تلك الحرب وانفعالات أولئك المحاربين؟ إنّ نسبة ما نفهم من القرآن إلى حقيقته كنسبة الصور والكلام إلى حقيقة تلك الحرب ، وللحرب ظاهر هي المعركة ، وباطن هو الاستعمار الذي يريد التسلّط مثلا ، وتفسير هو ما تنتجه الحرب الآن من غلاء الأسعار وانسداد الطرق ، وتأويل هو ما يترتّب من الأثر على هذه الحرب من سقوط إمبراطورية ودخول إمبراطورية أخرى إلى الحياة (١).
أقول : وفي الختام فإنّ ما امتاز به تفسير التقريب (تقريب القرآن إلى الأذهان) عن غيره من التفاسير الشيء الكثير. أشرنا نحن إلى بعض مزاياه وخصوصياته ، وسيجد القارئ الكريم الكثير منها أثناء تتبّعه وقراءته.
وفي الختام أشكر دار العلوم الموقّرة والقائمين عليها على اهتمامها بطباعته طباعة جديدة منقّحة ، وأسأل الله سبحانه لها مزيد التوفيق والتسديد في ترويج معارف القرآن والشريعة الغرّاء آمين يا ربّ العالمين.
كما وأسأله سبحانه وتعالى أن يتغمّد السيّد مؤلّف هذا السفر القيّم برحمته الواسعة ، ويجعل القرآن رفيقه ومؤنسه ونوره ، وأن يتقبّله منه بقبول
__________________
(١) تقريب القرآن إلى الأذهان : ج ١ ، ص ٢٤ ـ ٢٦ ، المدخل.