في قصة مشهورة (١) وحينذاك يرجع الأمر إلى الدية والتعزير إن صدرت الجناية عن عمد ، وإلى الدية فقط ، إن لم يكن عمد في البين.
وأما إشكال حرمة الربا ، فإنه وإن أورد عليها أن الربا حق معقول ، لأن أمر صاحب المال دائر بين أن يتاجر بماله فيربح ، وبين أن يدفعه قرضا فيربح من ورائه ، ولذا قالوا (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) (٢) لكن هو إشكال غير وارد ، لا لما أورد عليه الشيوعيون بأن تجارة غير الدولة سرقة لأتعاب العمال ، إذ أي حق للتاجر أن يستربح ثم يأخذ لأجل ماله شيئا من أتعاب وجهود الكادحين؟ فكل من الربا والاتجار المربح حرام.
ولا لما أورد عليه بعض الاقتصاديين الجدد بأن الاتجار مطلقا «سواء كان من الدولة ، كما في الشيوعية ، أو من غير الدولة ، كما في الرأسمالية» حرام ، إذ في كلا الحالين استفاد من لم يتعب ممن تعب فهو سرقة تحت اسم القانون ، إذ يرد عليهما أنه لا بد من مخزون مالي للقيام بخدمات المجتمع ، وأفضل طريق الخزن هو جمع المال عند التجار لئلا يجتمع المال والسلاح والقوة في مكان ، فيكون الظلم والديكتاتورية كما نشاهدهما بأبشع صورهما في البلاد الشيوعية .. مع لزوم مراقبة الدولة لأجل إعطاء الناس ما يحتاجون من مسكن وأثاث ، حتى لا يبقى فقير ، ولأجل عدم إفساد الرأسمالي ـ كما في النظام الإسلامي ـ.
بل لأن الربا على إطلاقه ظلم ، إذ ليس كل تجارة مربحة ، وليس كل إعطاء للمال يستحق المعطي أن يأخذ شيئا في مقابل الإعطاء وتوضيح ذلك أن لمال التاجر أربع صور :
__________________
(١) الكافي : ج ٧ ص ٣٤٩.
(٢) إشارة إلى سورة البقرة : ٢٧٦.