الأول : إنّه إذا رفع المكس أضر ذلك بالاقتصاد ، إذ الدولة تجني من وراء المكس مقادير كبيرة من المال تساعدها في إدارة شؤون الدولة.
الثاني : إنّه إذا رفع المكس لزم تحطم الاقتصاد الوطني ، لأن البضائع الأجنبية ترد في البلاد بما يوجب تحطم الاقتصاد ، ولا يخفى أن هذين الأمرين وإن تمّا في الجملة ، إلّا أن الحرمة الذاتية للمكس لا ترتفع بهما ، بل اللازم للدولة الإسلاميّة أن تلاحظ الأهمية وتأخذ بالأهم في البين ، فكل من المكس وتحطم الاقتصاد «المذكور في الأمرين» حرام ، فإذا دار الأمر بين الحرامين يجب الأخذ بأقلهما حرمة من باب قاعدة الأهم والمهم.
ومنه يعلم أن حرمة المكس ليست مطلقة حتى يستشكل على الإسلام بأنه حرم المكس ، وأن الحرمة لا تلائم الدول الحديثة.
ويرد على إشكال الحريات الكثيرة ، أن توهم أن الإسلام يعطي حريات تضر بالاجتماع باطل ، وجه التوهم أن الإسلام يعطي حرية البناء وحرية الحركة ، وحرية السكنى ، وحرية التجارة ، إلى غير ذلك ، وبذلك يختل النظام ، فكل أحد يبني ما يضر الطريق ، وكل أحد يترك بدون ملاحظة قوانين المرور ، ولمليون مسلم مثلا ، أن يأتوا للسكنى في بلد بحيث يضيق بهم هذا البلد ، وللتاجر أن يصدر كل بضائعه بحيث يقع أهل البلد في ضيق ، إلى غير ذلك.
والجواب : أن الإسلام إنما يعترف بالحرية المسؤولة «أي غير الضارة» لا الحرية غير المسؤولة ، فليس لأحد أن يستفيد من الحرية الضارة بالآخرين ، ويجب على كل مسلم احترام قوانين الدولة الإسلاميّة الموضوعة تحت نظر المجتهد الجامع للشرائط وإن أضرت القوانين بمصالحه الخاصة ، فإذا رأت الدولة أن استيراد هذه البضاعة مثلا تضر بالاقتصاد الإسلامي فمنعت عن ذلك ليس لأحد أن يستورد هذه البضاعة ، إلى غير ذلك.