(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٣٢)
الذين يتبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم ولا حاجة لهم إلى النساء لأنهم بله لا يعرفون شيئا من أمرهنّ ، أو شيوخ صلحاء ، أو العنّين (١) ، أو الخصيّ (٢) ، أو المخنث (٣) ، وفي الأثر أنه المجبوب (٤) ، والأول الوجه (مِنَ الرِّجالِ) حال (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ) هو جنس فصلح أن يراد به الجمع (لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) أي لم يطلعوا لعدم الشهوة من ظهر على الشيء إذا أطلع عليه ، أو لم يبلغوا أوان القدرة على الوطء من ظهر على فلان إذا قوي عليه (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) كانت المرأة تضرب الأرض برجليها إذا مشت ليسمع قعقعة خلخالها فيعلم أنها ذات خلخال ، فنهين عن ذلك إذ سماع صوت الزينة كإظهارها ، ومنه سمّي صوت الحلى وسواسا (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) أيه شامي إتباعا للضمة قبلها بعد حذف الألف لالتقاء الساكنين ، وغيره على فتح الهاء لأن بعدها ألفا في التقدير (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) العبد لا يخلو عن سهو وتقصير في أوامره ونواهيه وإن اجتهد ، فلذا وصى المؤمنين جميعا بالتوبة وبتأميل الفلاح إذا تابوا ، وقيل أحوج الناس إلى التوبة من توهّم أنه ليس له حاجة إلى التوبة ، وظاهر الآية يدلّ على أنّ العصيان لا ينافي الإيمان.
٣٢ ـ (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) الأيامى جمع أيّم وهو من لا زوج له رجلا كان أو امرأة بكرا كان أو ثيبا ، وأصله أيائم فقلبت (وَالصَّالِحِينَ) أي الخيّرين أو المؤمنين ، والمعنى زوّجوا من تأيّم منكم من الأحرار والحرائر ومن كان فيه صلاح (مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) أي من غلمانكم وجواريكم ، والأمر للندب إذ النكاح مندوب إليه (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ) من المال (يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) بالكفاية والقناعة ، أو باجتماع الرزقين ، وفي الحديث : (التمسوا الرزق بالنكاح) (٥) وعن عمر رضي الله عنه روي مثله (وَاللهُ واسِعٌ) غني ذو سعة لا يرزؤه إغناء الخلائق (عَلِيمٌ) يبسط الرزق لمن
__________________
(١) العنّين : من لا يأتي النساء عجزا ، أو لا يريدهن (القاموس ٤ / ٢٤٩).
(٢) الخصيّ : من سلّ خصييه (القاموس ٤ / ٣٢٤).
(٣) المخنث : المذكر الذي غلبت عليه الأنوثة فتكسر وتثنى (انظر القاموس ١ / ١٦٦).
(٤) المجبوب : من استئصلت خصييه ، (انظر القاموس ١ / ٤٣).
(٥) كنز العمال ١٦ / ٤٤٤٣٦.