سورة العنكبوت
مكية وهي تسع وستون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (٢)
٢ ـ ١ ـ (الم. أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) الحسبان قوة أحد النقيضين على الآخر كالظنّ بخلاف الشكّ ، فهو الوقوف بينهما ، والعلم فهو القطع على أحدهما ، ولا يصحّ تعليقهما بمعاني المفردات ولكن بمضامين الجمل ، فلو قلت حسبت زيدا وظننت الفرس لم يكن شيئا حتى تقول حسبت زيدا عالما وظننت الفرس جوادا ، لأن قولك زيد عالم والفرس جواد كلام دال على مضمون ، فإذا أردت الإخبار عن ذلك المضمون ثابتا عندك على وجه الظنّ لا اليقين أدخلت على شطري الجملة فعل الحسبان حتى يتم لك غرضك ، والكلام الدالّ على المضمون الذي يقتضيه الحسبان هنا أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، وذلك أنّ تقديره أحسبوا تركهم غير مفتونين لقولهم آمنا ، فالترك أول مفعولي حسب ، ولقولهم آمنا هو الخبر ، وأما غير مفتونين فتتمة الترك لأنه من الترك الذي هو بمعنى التصيير ، كقول عنترة : فتركته جزر السباع ينشنه ، ألا ترى أنك قبل المجيء بالحسبان تقدر أن تقول تركهم غير مفتونين لقولهم آمنا على تقدير حاصل ومستقر قبل اللام ، وهو استفهام توبيخ ، والفتنة الامتحان بشدائد التكليف من مفارقة الأوطان ومجاهدة الأعداء وسائر الطاعات الشاقة وهجر الشهوات وبالفقر والقحط وأنواع المصائب في الأنفس والأموال ومصابرة الكفار على أذاهم وكيدهم ، وروي أنها نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد جزعوا من أذى المشركين ، أو في عمار بن ياسر وكان يعذّب في الله.