سورة النور
مدنية وهي أربع وستون آيات
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢)
١ ـ (سُورَةٌ) خبر مبتدأ محذوف أي هذه سورة (أَنْزَلْناها) صفة لها ، وقرأ طلحة سورة ، على زيدا ضربته ، أو على اتل سورة ، والسورة الجامعة لجمل آيات بفاتحة لها وخاتمة ، واشتقاقها من سور المدينة (وَفَرَضْناها) أي فرضنا أحكامها التي فيها. وأصل الفرض القطع أي جعلناها مقطوعا بها. وبالتشديد مكي وأبو عمرو للمبالغة في الإيجاب وتوكيده ، أو لأن فيها فرائض شتى أو لكثرة المفروض عليهم من السلف ومن بعدهم (وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ) أي دلائل واضحات (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) لكي تتعظوا. وبتخفيف الذال حمزة وعليّ وخلف وحفص ، ثم فصّل أحكامها فقال :
٢ ـ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) رفعهما على الابتداء والخبر محذوف أي فيما فرض عليكم الزانية والزاني أي جلدهما ، أو الخبر فاجلدوا ، ودخلت الفاء لكون الألف واللام بمعنى الذي ، وتضمينه معنى الشرط ، وتقديره التي زنت والذي زنى فاجلدوهما ، كما تقول من زنى : فاجلدوه. وكقوله : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ) وقرأ عيسى بن عمر (١) بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر
__________________
(١) عيسى بن عمر ، الثقفي بالولاء ، من أئمة اللغة وهو شيخ الخليل وسيبويه وابن العلاء وأول من هذب النحو ورتبه توفي عام ١٤٩ ه (الأعلام ٥ / ١٠٦).