(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (٣) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٤) مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٥)
٣ ـ (وَلَقَدْ فَتَنَّا) أي (١) اختبرنا ، وهو موصول بأحسب ، أو بلا يفتنون (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) بأنواع الفتن ، فمنهم من يوضع المنشار على رأسه فيفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه ، ومنهم من يمشّط بأمشاط الحديد ما يصرفه ذلك عن دينه (٢) (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ) بالامتحان (الَّذِينَ صَدَقُوا) في الإيمان (وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) فيه ، ومعنى علمه تعالى وهو عالم بذلك فيما لم يزل أن يعلمه موجودا عند وجوده كما علمه قبل وجوده أنه يوجد ، والمعنى وليتميزنّ الصادق منهم من الكاذب ، قال ابن عطاء : يتبين صدق العبد من كذبه في أوقات الرخاء والبلاء ، فمن شكر في أيام الرّخاء وصبر في أيام البلاء فهو من الصادقين ، ومن بطر في أيام الرّخاء وجزع في أيام البلاء فهو من الكاذبين.
٤ ـ (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) أي الشرك والمعاصي (أَنْ يَسْبِقُونا) أي يفوتونا ، يعني أنّ الجزاء يلحقهم لا محالة ، واشتمال صلة أن على مسند ومسند إليه سدّ مسدّ مفعولين ، كقوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) (٣) ويجوز أن يضمن حسب معنى قدّر ، وأم منقطعة ، ومعنى الإضراب فيها أنّ هذا الحسبان أبطل من الحسبان الأول ، لأنّ ذلك يقدّر أنه لا يمتحن لإيمانه وهذا يظنّ أنه لا يجازى بمساويه ، وقالوا الأول في المؤمنين وهذا في الكافرين (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) ما في موضع رفع على معنى ساء الحكم حكمهم ، أو نصب على معنى ساء حكما يحكمون ، والمخصوص بالذمّ محذوف أي بئس حكما يحكمونه حكمهم هذا (٤).
٥ ـ (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) أي يأمل ثوابه أو يخاف حسابه فالرجاء يحتملهما (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ) المضروب للثواب والعقاب (لَآتٍ) لا محالة فليبادر العمل (٥)
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) أي.
(٢) البخاري من حديث خباب بن الأرت ، به وأتم منه.
(٣) البقرة ، ٢ / ٢١٤. آل عمران ، ٣ / ١٤٢.
(٤) ليس في (ظ) و (ز) هذا.
(٥) في (ظ) و (ز) للعمل.