(يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (٤٤) وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤٥)
يخطفها (١) ، يذهب يزيد على زيادة الباء.
٤٤ ـ (يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) يصرّفهما في الاختلاف طولا وقصرا أو التعاقب ، (إِنَّ فِي ذلِكَ) في إزجاء السحاب وإنزال الودق والبرد وتقليب الليل والنهار (لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) لذوي العقول ، وهذا من تعديد الدلائل على ربوبيته حيث ذكر تسبيح من في السماوات والأرض وما يطير بينهما ودعاءهم له وتسخير السحاب إلى آخر ما ذكر فهي براهين لائحة على وجوده ودلائل على صفاته لمن نظر وتدبّر. ثم بيّن دليلا آخر ، فقال تعالى :
٤٥ ـ (وَاللهُ خَلَقَ كُلَ) خالق كلّ حمزة وعلي (دَابَّةٍ) كلّ حيوان يدبّ على وجه الأرض (مِنْ ماءٍ) أي من نوع من الماء مختصّ بتلك الدابة ، أو من ماء مخصوص وهو النطفة ، ثم خالف بين المخلوقات من النطفة ، فمنها الهوامّ (٢) ، ومنها بهائم ، ومنها أناسيّ ، وهو كقوله : (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) (٣) وهذا دليل على أنّ لها خالقا ومدبرا ، وإلّا لم تختلف لاتفاق الأصل ، وإنما عرّف الماء في قوله : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) (٤) لأنّ المقصود ثمّ أنّ أجناس الحيوان مخلوقة من جنس الماء ، وأنه هو الأصل وإن تخلّلت بينه وبينها وسائط. قالوا : إنّ أول ما خلق الله الماء ، فخلق منه النار والريح والطين ، فخلق من النار الجنّ ومن الريح الملائكة ومن الطين آدم ودواب الأرض ، ولما كانت الدابة تشمل المميّز وغير المميّز غلب المميّز فأعطي ما وراءه حكمه كأنّ الدواب كلّهم مميزون فمن ثمّ قيل (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) كالحية والحوت وسمّي الزحف على البطن مشيا استعارة كما يقال في الأمر المستمرّ قد مشى هذا الأمر ، أو على طرائق المشاكلة لذكر الزاحف مع الماشين (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) كالإنسان والطير (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) كالبهائم ، وقدّم ما هو أعرف (٥) في القدرة وهو الماشي
__________________
(١) زاد في (ز) به.
(٢) في (ظ) و (ز) هوام.
(٣) الرعد ، ١٣ / ٤.
(٤) الأنبياء ، ٢١ / ٣٠.
(٥) في (ز) أعرق.