(قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (١١٦) قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ) (١١٧)
منهما بعلة. فعلّة الأول كونه أمينا فيما بينهم ، وعلة الثاني حسم طمعه منهم ، كأنه قال إذا عرفتم رسالتي وأمانتي فاتقوا الله ، ثم أذا عرفتم احترازي من الأجر فاتقوا الله.
١١١ ـ (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ) الواو للحال ، وقد مضمرة بعدها ، دليله قراءة يعقوب وأتباعك جمع تابع كشاهد وأشهاد ، أو تبع كبطل وأبطال (الْأَرْذَلُونَ) السّفلة ، والرذالة الخسة والدناءة ، وإنما استرذلوهم لاتّضاع نسبهم وقلة نصيبهم من الدنيا ، وقيل كانوا من أهل الصناعات الدنيّة (١) ، والصناعة لا تزرى بالديانة ، فالغنى غنى الدين ، والنسب نسب التقوى ، ولا يجوز أن يسمّى المؤمن رذلا وإن كان أفقر الناس وأوضعهم نسبا ، وما زالت أتباع الأنبياء كذلك.
١١٢ ـ (قالَ وَما عِلْمِي) وأي شيء علمي (٢) (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الصناعات : إنما أطلب منهم الإيمان ، وقيل إنهم طعنوا مع استرذالهم في إيمانهم وقالوا : إنّ الذين آمنوا بك ليس في قلوبهم ما يظهرونه ، فقال : ما عليّ إلا اعتبار الظواهر دون التفتيش عن السرائر.
١١٣ ـ (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ) أن الله يحاسبهم على ما في قلوبهم.
١١٤ ـ (وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ) أي ليس من شأني أن أتبع شهواتكم بطرد المؤمنين طمعا في إيمانكم.
١١٥ ـ (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) ما عليّ إلا أن أنذركم إنذارا بيّنا بالبرهان الصحيح الذي يتميز به الحقّ من الباطل ، ثم أنتم أعلم بشأنكم.
١١٦ ـ (قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ) عما تقول (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) من المقتولين بالحجارة.
١١٧ ـ (قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ) ليس هذا إخبارا بالتكذيب لعلمه أنّ عالم الغيب والشهادة أعلم ، ولكنه أراد أنهم كذبوني في وحيك ورسالتك.
__________________
(١) في (ز) الدنيئة.
(٢) في (ز) أعلم.