(ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥) كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٠) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) (١٨١)
غبورها ، إذ الغبور لم يكن صفتها وقت تنجيتهم.
١٧٢ ـ (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) والمراد بتدميرهم الائتفاك (١) بهم.
١٧٣ ـ ١٧٥ ـ (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) عن قتادة : أمطر الله على شذّاذ القوم حجارة من السماء فأهلكهم (٢) ، وقيل لم يرض بالائتفاك حتى أتبعه مطرا من حجارة (فَساءَ) فاعله (مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) والمخصوص بالذّمّ وهو مطرهم محذوف ، ولم يرد بالمنذرين قوما بأعيانهم بل المراد جنس الكافرين (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
١٧٦ ـ ١٨٠ ـ (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) بالهمزة والجرّ هي غيضة تنبت ناعم الشجر عن الخليل ، ليكة حجازي وشامي ، وكذا في ص (٣) علم لبلد ، قيل أصحاب الأيكة هم أهل مدين التجأوا إلى غيضة إذ ألحّ عليهم الوهج ، والأصحّ أنهم غيرهم نزلوا غيضة بعينها بالبادية وأكثر شجرهم المقل ، بدليل أنه لم يقل هنا أخوهم شعيب ، لأنه لم يكن من نسبهم بل كان من نسب أهل مدين ، ففي الحديث أنّ شعيبا أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة (٤) (الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ. وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ).
١٨١ ـ (أَوْفُوا الْكَيْلَ) أتموه (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) ولا تنقصوا (٥) حقوقهم ، فالكيل واف ، وهو مأمور به ، وطفيف وهو منهي عنه ، وزائد وهو مسكوت عنه ، فتركه دليل على أنه إن فعله فقد أحسن وإن لم يفعل فلا شيء عليه.
__________________
(١) الائتفاك بهم : قلب الأرض بهم والمؤتفكات الرياح التي تقلب الأرض (القاموس ٣ / ٢٩٢).
(٢) زاد في (ز) الله.
(٣) أي سورة ص.
(٤) الطبري قال : حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) قال : الأيكة ؛ الشجر ، بعث الله شعيبا إلى قومه وإلى أهل البادية ، قال : وهم أصحاب ليكه.
(٥) زاد في (ز) الناس.