(وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (٢١٩)
هاشم ، يا بني عبد مناف ، يا عباس عمّ النبي ، يا صفية عمة رسول الله إني لا أملك لكم من الله شيئا) (١).
٢١٥ ـ (وَاخْفِضْ جَناحَكَ) وألن جانبك ، وتواضع ، وأصله أنّ الطائر إذا أراد أن ينحطّ في الوقوع (٢) كسر جناحه وخفضه ، وإذا أراد أن ينهض للطيران رفع جناحه ، فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلا في التواضع ولين الجانب (لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) من عشيرتك وغيرهم.
٢١٦ ـ (فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) يعني أنذر قومك فإن اتبعوك وأطاعوك فاخفض جناحك لهم ، وإن عصوك ولم يتبعوك فتبرّأ منهم ومن أعمالهم من الشرك بالله وغيره.
٢١٧ ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) على الذي يقهر أعداءك بعزته ، وينصرك عليهم برحمته ، يكفك شرّ من يعصيك منهم ومن غيرهم ، والتوكّل تفويض الرجل أمره إلى من يملك أمره ويقدر على نفعه وضرّه ، وقالوا : المتوكّل من إذا دهمه أمر لم يحاول دفعه عن نفسه بما هو معصية لله ، وقال الجنيد رضي الله عنه : التوكل أن تقبل بالكلّية على ربّك وتعرض بالكلّية عما دونه ، فإن حاجتك إليه في الدارين. فتوكل مدني وشامي وعطف على فقل أو فلا تدع.
٢١٨ ـ (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) متهجدا.
٢١٩ ـ (وَتَقَلُّبَكَ) أي ويرى تقلّبك (فِي السَّاجِدِينَ) في المصلين. أتبع كونه رحيما على رسوله ما هو من أسباب الرحمة ، وهو ذكر ما كان يفعله في جوف الليل من قيامه للتهجد ، وتقلّبه في تصفّح أحوال المتهجدين من أصحابه ليطّلع عليهم من حيث لا يشعرون ، وليعلم أنهم كيف يعبدون الله ويعملون لآخرتهم ، وقيل معناه يراك حين تقوم للصلاة بالناس جماعة ، وتقلبه في الساجدين تصرّفه فيما بينهم بقيامه وركوعه وسجوده وقعوده إذا أمّهم ، وعن مقاتل أنه سأل أبا حنيفة هل تجد الصلاة بالجماعة في القرآن؟ فقال : لا يحضرني ، فتلا له هذه الآية.
__________________
(١) ابن حبان من حديث أبي هريرة.
(٢) في (ظ) و (ز) ينحط للوقوع.