(وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (٢٤) أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ (٢٥) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦) قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٢٧)
٢٤ ـ (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) أي سبيل التوحيد (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) إلى الحقّ ولا يبعد من الهدهد التّهدّي إلى معرفة الله تعالى ووجوب السجود له وحرمة السجود للشمس إلهاما من الله له كما ألهمه وغيره من الطيور (١) المعارف اللطيفة التي لا يكاد العقلاء الرّجاح العقول يهتدون لها.
٢٥ ـ (أَلَّا يَسْجُدُوا) بالتشديد ، أي فصدّهم عن السبيل لئلا يسجدوا ، فحذف الجارّ مع أن وأدغمت النون في اللام ، ويجوز أن تكون لا مزيدة ويكون المعنى فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا ، وبالتخفيف يزيد وعليّ وتقديره ألا يا هؤلاء اسجدوا ، فألا للتنبيه ويا حرف نداء ومناداه محذوف ، فمن شدّد لم يقف إلا على العرش العظيم ، ومن خفّف وقف على فهم لا يهتدون ، ثم ابتدأ ألا يا اسجدوا (٢) ، أو وقف على ألا يا ، ثم ابتدأ اسجدوا ، وسجدة التلاوة واجبة في القراءتين جميعا ، بخلاف ما يقوله الزّجّاج : إنه لا يجب السجود مع التشديد لأنّ مواضع السجدة إما أمر بها أو مدح للآتي بها ، أو ذم لتاركها ، وإحدى القراءتين أمر والأخرى ذم للتارك (لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ) سمّى المخبوء بالمصدر (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قتادة : خبء السماء المطر وخبء الأرض النبات (وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) وبالتاء (٣) فيهما عليّ وحفص.
٢٦ ـ (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وصف الهدهد عرش الله بالعظيم تعظيم له بالنسبة إلى سائر ما خلق من السماوات والأرض ، ووصفه عرش بلقيس تعظيم له بالإضافة إلى عروش أبناء جنسها من الملوك. إلى ههنا كلام الهدهد ، فلما فرغ من كلامه :
٢٧ ـ (قالَ) سليمان للهدهد (سَنَنْظُرُ) من النظر الذي هو التأمل (أَصَدَقْتَ) فيما أخبرت (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) وهذا أبلغ من أم كذبت ، لأنه إذا كان معروفا
__________________
(١) زاد في (ظ) و (ز) وسائر الحيوان.
(٢) في (ز) ألا يسجدوا.
(٣) في مصحف النسفي يخفون ويعلنون. بالياء لذلك قال : ...