(فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ) (٣٧)
الخيط بفيها ، ونفذت فيها (١) ، ودعا بالماء ، فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب به وجهها ، والغلام كما يأخذه يضرب به وجهه ، ثم ردّ الهدية وقال للمنذر : ارجع إليهم.
٣٦ ـ (فَلَمَّا جاءَ) رسولها المنذر بن عمرو (سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) بنونين وإثبات الياء في الوصل والوقف مكي وسهل ، وافقهما مدني وأبو عمرو في الوصل ، أتمدونّي حمزة ويعقوب في الحالين ، وغيرهم بنونين بلا ياء فيهما ، والخطاب للرسل (فَما آتانِيَ اللهُ) من النبوة والملك والنّعمة. وبفتح الياء مدني وأبو عمرو وحفص (خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ) من زخارف الدنيا (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) الهدية اسم المهدى كما أنّ العطية اسم المعطى فتضاف إلى المهديّ والمهدى له ، تقول هذه هدية فلان تريد هي التي أهداها أو أهديت إليه ، والمعنى أنّ ما عندي خير مما عندكم ، وذلك أنّ الله آتاني الدين الذي فيه الحظّ الأوفر والغنى الأوسع ، وآتاني من الدنيا ما لا يستزاد عليه ، فكيف يرضى مثلي بأن يمدّ بمال بل أنتم قوم لا تعلمون إلا ظاهرا من الحياة الدنيا ، فلذلك تفرحون بما تزادون ويهدى إليكم ، لأن ذلك مبلغ همّتكم ، وحالي خلاف حالكم وما أرضى منكم بشيء ولا أفرح به إلا بالإيمان وترك المجوسية ، والفرق بين قولك أتمدونّي (٢) بمال وأنا أغنى منكم وبين أن تقوله بالفاء أي (٣) إذا قلته بالواو جعلت مخاطبي عالما بزيادتي في الغنى وهو مع ذلك يمدّني بمال ، وإذا قلته بالفاء فقد جعلته ممن خفيت عليه حالي ، فأنا أخبره الساعة بما لا أحتاج معه إلى إمداده كأني أقول له أنكر عليك ما فعلت فإني غني عنه ، وعليه ورد فما آتاني الله ، ووجه الإضراب أنه لما أنكر عليهم الإمداد وعلّل إنكاره أضرب عن ذلك إلى بيان السبب الذي حملهم عليه ، وهو أنهم لا يعرفون سبب رضا ولا فرح إلّا أن يهدى إليهم حظّ من الدنيا التي لا يعلمون غيرها.
٣٧ ـ (ارْجِعْ) خطاب للرسول أو الهدهد محملا كتابا آخر (إِلَيْهِمْ) (٤) بلقيس وقومها (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ) لا طاقة (لَهُمْ بِها) (٥) وحقيقة القبل المقاومة
__________________
(١) أي في الخرزة.
(٢) في (ظ) أو (ز) ا تمدونني.
(٣) في (ظ) أنه.
(٤) في (ز) ائت.
(٥) في (ز) (بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) لا طاقة لهم بها.