(قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٢) وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٣) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٣٥)
٣٢ ـ (قالَ) إبراهيم (إِنَّ فِيها لُوطاً) أي أتهلكونهم وفيهم من هو بريء من الظلم وهو لوط (قالُوا) أي الملائكة (نَحْنُ أَعْلَمُ) منك (بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ) لننجينه يعقوب وكوفي غير عاصم (وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) الباقين في العذاب.
ثم أخبر عن مسير الملائكة إلى لوط بعد مفارقتهم إبراهيم بقوله :
٣٣ ـ (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) ساءه مجيئهم ، وأن صلة أكدت وجود الفعلين مترتبا (١) أحدهما على الآخر كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان ، كأنه قيل كما أحسّ بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ريث خيفة عليهم من قومهم أن يتناولوهم بالفجور ، سيء (٢) بهم مدني وشامي وعليّ (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) وضاق بشأنهم وبتدبير أمرهم ذرعه ، أي طاقته ، وقد جعلوا ضيق الذرع والذراع عبارة عن فقد الطاقة ، كما قالوا رحب الذراع إذا كان مطيقا ، والأصل فيه أنّ الرجل إذا طالت ذراعه نال ما لا يناله القصير الذراع ، فضرب ذلك مثلا في العجز والقدرة وهو نصب على التمييز (وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ) وبالتخفيف مكي وكوفي غير حفص (وَأَهْلَكَ) الكاف في محلّ الجرّ ، ونصب أهلك بفعل محذوف أي وننجي أهلك (إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ).
٣٤ ـ (إِنَّا مُنْزِلُونَ) منزّلون شامي (عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً) عذابا (مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) بفسقهم وخروجهم عن طاعة الله ورسوله.
٣٥ ـ (وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها) من القرية (آيَةً بَيِّنَةً) هي آثار منازلهم الخربة ، وقيل الماء الأسود على وجه الأرض (لِقَوْمٍ) يتعلق بتركنا أو ببينة (يَعْقِلُونَ).
__________________
(١) في (ظ) و (ز) مرتبا.
(٢) أي بإشمام كسرة السين الضمة.