قوله جل ذكره : (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩))
الزّلة الواحدة بعد كشف البرهان أقبح من كثير منها قبل ذلك ، ومن عرف فى الخيانة لا يعتمد عليه فى الأمانة. ومحنة الأكابر (١) إذا حلّت كان فيها استئصالهم بالكلية.
قوله جل ذكره : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠))
استبطأ القوم قيام الساعة فأخبروا عن شدة الأمر إذا قامت الساعة بتفصيل ما ذكر.
وتلك أفعال فى معنى الأحوال ، يظهرها الله سبحانه بما يزيل عنهم الإشكال فى علو شأنه سبحانه وتعالى ، ونفاذ قدرته فيما يريد. (وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي انهتك ستر الغيب عن صريح التقدير السابق. ولقد استغنت قلوب الموحدين لما فيها من أنوار البصائر عن طلب التأويل لهذه الآية وأمثالها إذ الحق سبحانه منزّه عن كل انتقال وزوال ، واختصاص بمكان أو زمان ، تقدس عن كل حركة وإتيان (٢).
قوله جل ذكره : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١))
فائدة السؤال ليقرر عليهم بالسؤال الحجة ، لا ليقرّر للرسول صلىاللهعليهوسلم بسؤالهم ما أشكل عليهم من واضح المحبة.
(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) بزوال تلك النعمة. وعند ذلك يعرفون قدرها ، ثم يندبونها ولا يصلون إليها قط ، قال قائلهم :
ستهجرنى وتتركنى |
|
فتطلبنى فلا تجد |
__________________
(١) محنة الأكابر المقصود بها هنا زلات الأكابر ، وعقوبتها أشد ، وقد استدل القشيري على ذلك فى موضع سابق بأن من ترتكب فاحشة من أمهات المسلمين يضاعف لها العذاب ضعفين.
(٢) إشارة إلى ما فى الآية الكريمة (يأتيهم الله).