اليوم جمع الأسرار لكشف الجلال والجمال ، وغدا جمع الأبشار لشهود الأحوال ، ومقاساة ما أخبر عنه من تلك الأحوال.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠))
فلا فداء ينفعهم ، ولا غناء يدفعهم ، ولا مال يقبل منهم ، ولا حجاب يرفع عنهم ، ولا مقال يسمع فيهم ، بهم يسعّر الجحيم ، ولهم الطرد الأليم ، والبعد والحميم.
قوله جل ذكره : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١))
أصرّوا فى العتوّ على سننهم ، وأدمنا لهم فى الانتقام سنننا ، فلا عن الإصرار أقلعوا ، ولا فى المبارّ طمعوا ، ولعمرى إنهم هم الذين ندموا وتحسّروا على ما قدّموا ـ ولكن حينما وجدوا الباب مسدودا ، والندم عليهم مردودا.
قوله جل ذكره : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢))
أخبرهم أنهم يفوتهم حديث الحق فى الآجل (١) ، ولا تكون لهم لذة عيش فى العاجل ، والذي يلقونه فى الآخرة من شدة العقوبة بالحرقة فوق ما يصيبهم فى الدنيا من الغيبة عن الله والفرقة (٢) ، ولكن سقمت البصائر فلم يحسوا بأليم العقاب.
__________________
(١) يشير القشيري بهذا إلى الآية الكريمة (لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ).
(٢) أما الخواص فيرون رؤية الله منتهى آمالهم ، وصدّه عنهم أشد عليهم من عذاب السعير ، يقول البسطامي : «لله خواص من عباده لو حجبهم فى الجنة عن رؤيته ساعة لاستغاثوا بالخروج من الجنة كما يستغيث أهل النار من النار».