من لم يهده الله فمتى يعتصم بالله؟ فالهداية منه فى البداية توجب اعتصامك فى النهاية ، لا الاعتصام منك يوجب الهداية.
وحقيقة الاعتصام صدق اللّجوء إليه ، ودوام الفرار إليه ، واستصحاب الاستغاثة إليه. ومن كشف عن سرّه غطاء التفرقة تحقق بأنه لا لغير الله ذرة أو منه سينة ، فهذا الإنسان يعتصم به ممن يعتصم به ؛ قال سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وعلى آله : «أعوذ بك منك».
ومن اعتصم بنفسه دون أن يكون محوا عن حوله وقوته فى اعتصامه ـ فالشرك وطنه وليس يشعر.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ)
حقّ التقوى أن يكون على وفق الأمر لا يزيد من قبل نفسه ولا ينقص.
هذا هو المعتمد من الأقاويل فيه ، وأمره على وجهين : على وجه الحتم وعلى وجه الندب وكذلك القول فى النهى على قسمين : تحريم وتنزيه ، فيدخل فى جملة هذا أن يكون حق تقاته أولا اجتناب الزلة ثم اجتناب الغفلة ثم التوقي عن كل خلة ثم التنقى من كل علّة ، فإذا تقيت عن شهود تقواك بعد اتصافك بتقواك فقد اتّقيت حقّ تقواك.
وحق التقوى رفض العصيان ونفى النسيان ، وصون العهود ، وحفظ الحدود ، وشهود الإلهية ، والانسلاخ عن أحكام البشرية ، والخمود تحت جريان الحكم بعد اجتناب كل جرم وظلم ، واستشعار الآنفة عن التوسل إليه بشىء من طاعتك دون صرف كرمه ، والتحقق بأنه لا يقبل أحدا بعلّة ولا يردّ أحدا بعلة.
قوله جل ذكره : (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
لا تصادفنّكم الوفاة إلا وأنتم بشرط الوفاء.
قوله جل ذكره : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا