وقلوبهم فى الطلب ثم دوام المراعاة ، وأرواحهم على صفاء المحبّات والوفاء على عموم الحالات ، وينفقون أسرارهم على المشاهدات فى جميع الأوقات (١) ؛ ينتظرون إشارات المطالبات ، متشمرين للبدار إلى دقيق المطالعات (٢)
قوله : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) : يتجاوزون عن الخلق لملاحظاتهم إياهم بعين النسبة ، وأقوام يحملون على الخلق علما بأن ذلك بسبب جرمهم فيشهدونهم بعين التسلط ، وآخرون يكظمون الغيظ تحققا بأن الحق سبحانه يعلم ما يقاسون فيهون عليهم التحمل ، وآخرون فنوا عن أحكام البشرية فوجدوا صافى الدرجات فى الذّلّ لأن نفوسهم ساقطة فانية ، وآخرون لم يشهدوا ذرة من الأغيار فى الإنشاء والإجراء ؛ فعلموا أنّ المنشئ الله ؛ فزالت خصوماتهم ومنازعاتهم مع غير الله لأنهم لمّا أفردوه بالإبداع انقادوا لحكمه ؛ فلم يروا معه وجها غير التسليم لحكمه ، فأكرمهم الحق سبحانه ببرد الرضاء ، فقاموا له بشرط الموافقة.
قوله (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) فرضا (٣) رأوه على أنفسهم لا فضلا منهم على الناس ، قال قائلهم :
ربّ رام لى بأحجار الأذى |
|
لم أجد بدّا من العطف عليه |
(وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه .. هذا فى معاملة الحق ، وأما فى معاملة الخلق فالإحسان أن تدع جميع حقّك بالكلية كم كان على من كان ، وتقبل (....) (٤) منه ولا تقلده فى ذلك منّة.
قوله جل ذكره : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ
__________________
(١) سقطت الواو فأثبتناها.
(٢) أخطأ الناسخ إذ كتبها (المطالبات) أيضا ، ونظرا لأن المطالعة مرتبطة بالكشف والكشف مرحلة متأخرة. فقد تركنا الأولى (المطالبات) وصوبنا الثانية (المطالعات).
(٣) وردت (قرضا) والصواب بالفاء فهكذا يرشدنا السياق ، والشاهد الشعرى بعده.
(٤) مشتبهة.