عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤))
إن الرسل موقوفون حيثما وقفوا ، ومخبرون عمّا عرّفوا بمقدار ما عرفوا ؛ فإذا أيّدوا بأنوار البصائر اطّلعوا على مكنونات السرائر بلطائف التلويح بمقدار ما أعطوا من الإشراق بوظائف البلوغ.
(أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) لما توفّى المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سقمت البصائر إلا بصيرة الصديق رضى الله عنه فأمدّه الله بقوة السكينة ، وأفرغ عليه قوة التولي فقال. «من كان يعبد محمدا فإنّ محمدا قد مات» فصار الكلّ مقهورين تحت سلطان قالته لما انبسط عليهم من نور حالته ، كالشمس بطلوعها تندرج فى شعاعها أنوار الكواكب فيستتر فيها مقادير مطارح شعاع كل نجم.
وإنما قال : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) لأنه صلىاللهعليهوسلم مات. وقيل أيضا لأنه قال : «ما زالت أكلة خيبر تعاودنى فهذا أوان قطعت أبهرى» (١).
قوله جل ذكره : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥))
(٢) الأنفاس محصورة ؛ لا زيادة فيها ، ولا نقصان منها.
(وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) : للصالحين العاقبة وللآخرين الغفلة.
(وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها) : وثواب الآخرة أو له الغفران ثم الجنان ثم الرضوان.
__________________
(١) وفى البخاري بلفظ «ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أيهرى من ذلك السم» قال المقريزى : «وهذا قاله فى مرض موته».
(٢) أخطأ الناسخ إذ أضاف (وسيجزى الله) وقد التبس عليها ختام الآية السابقة.