(وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) : وجزاء الشكر الشكر.
قوله جل ذكره : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦))
إنّ الذين درجوا على الوفاء ، وقاموا بحق الصفاء ، ولم يرجعوا عن الطريق ، وطالبوا نفوسهم بالتحقيق ، وأخذوا عليها بالتضييق والتدقيق ـ وجدوا محبة الحقّ سبحانه ميراث صبرهم ، وكان الخلف عنهم الحقّ عند نهاية أمرهم ، فما (١) زاغوا عن شرط الجهد ، ولا زاغوا فى حفظ العهد ، وسلّموا تسليما ، وخرجوا عن الدنيا وكان كلّ منهم للعهد مقيما مستديما ، وعلى شرط الخدمة والوداد مستقيما.
قوله جل ذكره : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٧))
تحققوا بحقائق المعنى فخرسوا (٢) عن إظهار الدعوى ، ثم نطقوا بلسان الاستغفار ، ووقفوا فى موقف الاستحياء ، كما قيل :
يتجنّب الآثام ثم يخافها |
|
فكأنّما حسناته آثام |
قوله جل ذكره : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا)
وأقل ذلك القناعة ثم الرضا ثم العيش معه ثم الأنس فى الجلوس بين يديه ثم كمال الفرح بلقائه ، ثم استقلال السرّ بوجوده.
__________________
(١) أخطا الناسخ إذ نقلها (فلما زاغوا) وهذا يخالف المعنى المراد ، والصحيح (فما)
(٢) وردت بالحاء والصواب أن تكون بالخاء ، فالمعنى يتطلب ذلك ويقوى به.