(وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ ، وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
يعنى دخولهم الجنة وهم محررون عنها ، غير داخلين فى أسرها.
ويقال ثواب الدنيا والآخرة الغيبة عن الدارين برؤية خالفهما (١).
ولمّا قال «ثواب الدنيا» قال فى الآخرة (وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) فوجب أن يكون لثواب الآخرة مزية على ثواب الدنيا حيث خصّه بوصف الحسن ، وتلك المزية دوامها وتمامها وثمارها ، وأنها لا يشوبها ما ينافيها ، ويوقع آفة فيها.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (١٤٩) بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (١٥٠))
يعنى إن طاوعتم الأضداد جرّوكم إلى أحوالهم (٢) ، فألقوكم فى ظلماتهم ، بل الله مولاكم : ناصركم ومعينكم وسيدكم ومصلح أموركم ، (وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) : لأنه يعينكم على أنفسكم ليكفيكم شرّها ، ومن سواه يزيد فى بلائكم إذا ناصروكم لأنهم يعينون أنفسكم عليكم.
(وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) لأن من سواه يمن عليك بنصرته إياك ، وهو يجازيك على استنصارك به.
ويقال كل من استنصرت به احتجت إلى أن تعطيه شيئا من كرائمك ثم قد ينصرك وقد لا ينصرك ، فإذا استنصرته ـ سبحانه ـ يعطيك كلّ لطيفة ، ولا يرضى بألا ينصرك.
قوله جل ذكره : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا
__________________
(١) الغيبة فى المصطلح الصوفي من مقوماتها ألا يحس العبد بوارد من تذكر ثواب أو تفكر فى عقاب ، وعلى حسب الغيبة عن الخلق يكون (حضور) العبد بالحق.
(٢) وردت (أحوالكم) وهذا خطأ فى النسخ.