الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١))
إنّ الله سبحانه خصّ نبيّنا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بإلقاء الرعب منه فى قلوب أعدائه ، قال عليهالسلام : «نصرت بالرعب». فكذلك أجرى هذه السّنّة مع أوليائه ؛ يطرح الهيبة منهم فى القلوب ، فلا يكاد يكون محق إلا ومنه ـ على المبطلين وأصحاب الدعوى والتمويه ـ هيبة فى القلوب وقهر.
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ)
(إنه سبحانه يجازيك على استنصارك به ، ويقال كل من استنصرت به احتجت إلى أن يعطيه شيئا من كرائمك ثم قد ينصرك وقد لا ينصرك ، فاذا استنصرته ـ سبحانه ـ يعطيك كل لطيفة ، ولا يرضى بألا ينصرك). (١)
الإشارة من هذه الآية إلى أن الحق سبحانه أقام أولياءه بحق حقه ، وأقعدهم عن تحصيل حظوظهم ، وقام سبحانه بكفايتهم بكل وجه ، فمن لازم طريق الاستقامة ، ولم يزغ عن حدّه ولم يزغ فى عهده ، فإنه سبحانه يصدق وعده له بجميل الكفاية ودوامها ، ومن ضلّ عن الاستقامة ـ ولو خطوة ـ عثر فى مشيته ، واضطربت عليه ـ بمقدار جرمه ـ حاله وكفايته ، فمن زاد زيد له ، ومن نقص نقص له.
قوله جل ذكره : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ
__________________
(١) ما بين القوسين سبق وروده عند تفسير (وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) فى ختام الآية قبل السابقة ؛ ولا ندرى هل أعادها القشيري هنا لتفسير (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) أم أن الناسخ قد وقع فى التكرار سهوا أثناء الكتابة؟