قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧))
إن أضرّوا فما أضروا إلا بأنفسهم ، وإن أصرّوا فما أصرّوا إلا على خسرانهم :
فما نحن عذّبنا ببعد ديارهم |
|
ولا نحن ساقتنا إليهم نوازع |
قوله جل ذكره : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨))
من تمام المكر بهم ، والمبالغة فى عقوبتهم أنّا نعذّبهم وهم لا يشعرون ، نستدرجهم من حيث لا يعلمون ؛ نملى لهم فيظنون ذلك إنعاما ، ولا يحسبونه انتقاما ، فإذا برزت لهم كوامن التقدير عند مغاراتها علموا أنهم لفى خسران ، وقد اتّضح لكلّ ذى بصيرة أن ما يكون سبب العصيان وموجب النسيان غير معدود من جملة الإنعام.
قوله جل ذكره : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩))
جمعهم اليوم من حيث الأشخاص والمبانى ، ولكنه فرّقهم فى الحقائق والمعاني ؛ فمن طيّبة سجيته ، ومن خبيئة طينته. وهم وإن كانوا مشائب (١) ففى بصيرة الخواص هم ممتازون (٢).
__________________
(١) مشائب أخلاط.
(٢) ممتازون هنا مرتبطة بالفعل (يميز) الذي فى الآية الكريمة أي إنهم معلومون عندنا ؛ نميز طيبهم مهما كانوا أخلاطا.