وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠))
الصبر فيما تفرد به العبد ، والمصابرة مع العدو.
والرباط نوع من الصبر ولكن على وجه مخصوص.
ويقال أول الصبر التصبر ، ثم الصبر ثم المصابرة ثم الاصطبار وهو نهاية (١).
ويقال اصبروا على الطاعات وعن المخالفات ، وتصابروا فى ترك الهوى والشهوات ، وقطع المنى والعلاقات ، ورابطوا بالاستقامة فى الصحبة فى عموم الأوقات والحالات.
ويقال اصبروا بنفوسكم وصابروا بقلوبكم ، ورابطوا بأسراركم.
ويقال اصبروا على ملاحظة الثواب ، وصابروا على ابتغاء القربة ، ورابطوا فى محل الدنوّ والزلفة ـ على شهود الجمال والعزّة.
والصبر مرّ مذاقه إذا كان العبد يتحسّاه على الغيبة ، وهو لذيذ طعمه إذا شربه على الشهود والرؤية.
(وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) : الفلاح الظّفر بالبغية ، وهمّتهم اليوم الظفر بنفوسهم ، فعند ذلك يتم خلاصهم ، وإذا ظفروا بنفوسهم ذبحوها بسيوف المجاهدة ، وصلبوها على عيدان المكابدة ، وبعد فنائهم عنها يحصل بقاؤهم بالله.
__________________
(١) يمكن أن يجد القارئ فى صنيع القشيري حول مادة (ص ب ر) انه ـ وهذا شأنه دائما ـ يحاول أن يؤسس المصطلح الصوفي على دعائم لغوية تعتمد على الفروق الدقيقة بين صيغ الاشتقاق المختلفة من المادة الواحدة ؛ فصيغة المفاعلة فيها المشاركة ، وصيغة التفعل فيها تكلف يلائم البداية ... وهكذا.