ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً (٩١))
إن من رام الجمع بين الضدين خاب سعيه ، ولم يرتفع عزمه ، فكما لا يكون شخص واحد منافقا ومسلما لا يكون شخص واحد مريدا للحق ومقيما على أحكام أهل العادة. فإن الإرادة والعادة ضدان (١) ، والواجب مباينة الأضداد ، ومجانبة الأجانب.
قوله جل ذكره : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (٩٢))
خفف أمر الخطأ على فاعله حتى حمّل موجب قتل الخطأ على العاقلة ؛ فالخواص عاقلة المستضعفين من الأمة ، وأهل المعرفة عاقلة المريدين ، والشيوخ عاقلة الفقراء ؛ فسبيلهم أن يحملوا أثقال المستضعفين فيما ينوبهم.
قوله جل ذكره : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣))
كما يحرّم قتل غيرك عليك يحرّم قتل نفسك عليك ، ومن اتّبع هواه سعى فى دم نفسه ، ومن لم ينصح مريدا بحسن وعظه ولم يعنه بهمته فقد سعى فى دمه ، وهو مأخوذ بحاله
__________________
(١) الناس ـ عند القشيري ـ إما أهل العادة أو أهل الإرادة.