إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١١٤))
أفضل الأعمال ما كانت بركاته تتعدى صاحبه إلى غيره ؛ ففضيلة الصدقة يتعدى نفعها إلى من تصل إليه ، والفتوة أن يكون سعيك لغيرك ، ففى الخبر : «شرّ الناس من أكل وحده» وكلّ أصناف الإحسان ينطبق عليها لفظ الصدقة.
قال صلىاللهعليهوسلم فى قصر الصلاة فى السفر : «هذه صدقة تصدّقها الله عليكم فاقبلوا صدقته» (١)
والصدقة على أقسام : صدقتك على نفسك ، وصدقتك على غيرك ؛ فأمّا صدقتك (على نفسك فحملها على أداء حقوقه تعالى ، ومنعها عن مخالفة أمره ، وقصر يدها عن أذية الخلق ، وصون خواطرها وعقائدها عن السوء. وأمّا صدقتك) (٢) على الغير فصدقة بالمال وصدقة بالقلب وصدقة بالبدن.
فصدقة بالمال بإنفاق النعمة ، وصدقة بالبدن بالقيام بالخدمة ، وصدقة بالقلب بحسن النية وتوكيد الهمة.
والصدقة على الفقراء ظاهرة لا إشكال فيها ، أمّا الصدقة على الأغنياء فتكون بأن تجود عليهم بهم ، فتقطع رجاءك عنهم فلا تطمع فيهم.
وأمّا المعروف : فكلّ حسن فى الشرع فهو معروف ، ومن ذلك إنجاد المسلمين وإسعادهم فيما لهم فيه قربة إلى الله ، وزلفى عنده ، وإعلاء النواصي بالطاعة.
__________________
(١) هكذا رواه مسلم وأهل السنن من حديث ابن جريج عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى عمار. وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح. وقال على بن المديني هذا حديث حسن صحيح من حديث عمر بن الخطاب ، ولا يحفظ الا من هذا الوجه ورجاله معروفون.
(٢) ما بين القوسين استدراك فى الهامش وضعناه فى موضعه من النص حسب العلامة المميزة.