وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً (١١٩))
قوله إثبات الغير فى توهم ذرة من الإبداع عين الشرك ، فلا للعفو فيه مساغ. وما دون الشرك فللعفو فيه مساغ ، ومن توسّل إليه سبحانه بما توهّم من نفسه فقد أشرك من حيث لم يعلم. كلّا ، بل هو الله الواحد.
قوله : (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللهُ) : أوقعوا على الجمادات تسميات (١) ، وانخرطوا فى سلك التوهم ، وركنوا إلى مغاليط الحسبان ، فضلّوا عن الحقيقة.
(وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللهُ) ، أي ما يدعون إلا إبليس الذي أبعده الحقّ عن رحمته ، وأسحقه (٢) ببعده ، وما إبليس إلا مقلّب فى القبضة على ما يريده المنشئ ، ولو كان به ذرة من الإثبات لكان به شريكا فى الإلهية. كلّا ، إنما يجرى الحقّ ـ سبحانه ـ على الخلق أحوالا ، ويخلق (٣) عقيب وساوسه للخلق ضلالا ، فهو الهادي والمضل ، وهو ـ سبحانه ـ المصرّف للكل ، فيخلق (....) (٤) فى قلوبهم عقيب وساوسه إليهم طول الآمال ، ويحسّن فى أعينهم قبيح الأعمال ، ثم لا يجعل لأمانيّهم تحقيقا ، ولا يعقب لما أمّلوه تصديقا ، فهو تعالى موجد تلك الآثار جملة ، ويضيفها إلى الشيطان مرة ، وإلى الكافر مرة ، وهذا معنى قوله : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) ... الآية ومعنى قوله تعالى (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ).
قوله جل ذكره : (أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً (١٢١))
__________________
(١) واضح من كلام القشيري أنه يفهم الإناث على أنها الأوثان ، وهكذا عن عائشة. وروى عن بعض الصحابة أنها الملائكة إشارة إلى قوله تعالى فى موضع آخر (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا). وعن الحسن : الإناث كل شىء ميت ليس فيه روح.
(٢) فى النسخة ص (استحقه) وهى خطأ فى النسخ.
(٣) يؤكد القشيري نسبة خلق كل شىء لله ، وتجريد الشيطان من كل سلطان.
(٤) مشتبهة.