فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٧١))
غلوّهم فى دينهم جريهم على مقتضى حسبانهم ؛ حيث وصفوا ـ بمشابهة الخلق ـ معبودهم ، ثم مناقضتهم ؛ حيث قالوا الواحد ثلاثة والثلاثة واحد (١) ، والتمادي فى الباطل لا يزيد غير الباطل.
قوله جل ذكره : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (١٧٢))
كيف يستنكف عن عبوديته وبالعبودية شرفه ، وكيف يستكبر عن التذلّل وفى استكباره تلفه ، ولهذا الشأن نطق المسيح أول ما نطق بقوله : إنى عبد الله ، وتجمّل العبيد فى التذلل للسّادة ، هذا معلوم لا تدخله ريبة (٢).
وقوله : (وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) لا يدل على أنهم أفضل من المسيح ، لأنه إنما خاطبهم على حسب عقائدهم ، والقوم اعتقدوا تفضيل الملائكة على بنى آدم.
__________________
(١) الثلاثة إما أن يكون مقصودا منها : الله والمسيح ومريم ، وإما ـ كما ورد فى الأناجيل ـ الأب والابن والروح القدس ، وسواء انصرفت إلى هؤلاء أم إلى أولئك فانه شرك محض تولى القرآن الكريم تفنيده فى مواضع شتى.
(٢) وردت (رتبة) ولا نحسب أن لها معنى هنا ، ونرجح أنها فى الأصل (ريبة) أي هذا معلوم لا شك فيه.