قوله جل ذكره : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧٣))
العذاب الأليم ألا يصلوا إليه (١) أبدا بعد ما عرفوا جلاله ، فإذا صارت معارفهم ضرورية (٢) فإنهم يعرفون أنهم عنه بقوا (٣) ، فحسراتهم حينئذ على ما فاتهم أشدّ عقوبة لهم.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤))
البرهان مالاح فى سرائرهم من شواهد الحق.
قوله جل ذكره : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً).
وهو خطابه الذي فى تأملهم معانيه حصول استبصارهم.
قوله جل ذكره : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (١٧٥))
(٤) (سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) : والسين للاستقبال أي يحفظ عليهم إيمانهم فى المآل (٥) عند التوفى ، كما أكرمهم بالعرفان والإيمان فى الحال.
قوله جل ذكره : (وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً).
__________________
(١) أي يقطع بينهم وبين رؤيته سبحانه ، وفى هذا يقول ذو النون (خوف النار إذا قيس إلى خوف القطع عن المحبوب كقطرة الماء تقذف فى أعظم المحيطات.
ويقول بعضهم : إلهى إذا شئت أن تعذبنى فألق بي إلى النار ولا تعذبنى بذل الحجاب.
(٢) قلنا من قبل فى هامش سابق ـ نقلا عن مذهب القشيري : إن المعرفة فى البداية كسبية وفى الانتهاء ضرورية ، ومعنى الكلام هنا أنهم يحرمون من أعظم الأشياء متعة بعد ما لاحت لهم بعض المعارف ... وذلك غاية فى التعذيب.
(٣) (عنه بقوا) البقاء عن الله سبحانه أشد أنواع العقاب.
(٤) سقطت (بالله) من الناسخ فأثبتناها فى موضعها.
(٥) وردت (المال) ويلزم وضع المد على الألف لتكون (المآل) وقد تكرر هذا فى مواضع كثيرة فيما سبق.