هذه الهداية هى إكرامهم بأن عرفوا أن هذه الهداية من الله لهم فضل لا لأنهم استوجبوها بطلبهم وجهدهم ، ولا بتعبهم وكدّهم (١).
قوله جل ذكره : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦))
قطع الخصومة بينهم فى قسمة (٢) الميراث فيما أظهر لهم من النصّ على الحكم ، فإن المال محبّب إلى الإنسان ، وجبلت النفوس على الشحّ ؛ فلو لم ينص على مقادير الاستحقاق (لقابلة الأشباه) (٣) فى الاجتهاد ، فكان يؤدى ذلك إلى التجاذب والتواثب ؛ فحسم تلك الجملة بما نصّ على المقادير فى الميراث قطعا للخصام. ولتوريثه للنسوان ـ وإن لم يوجد منهن الذبّ عن العشيرة ـ دلالة على النظر لضعفهن. وفى تفضيل الذكور عليهن لما عليهم من حمل (٤) المؤن وكذا السعى فى تحصيل المال ، والقيام عليهن.
__________________
(١) يهدف القشيري دائما إلى أن يعود بكل شىء إلى فضل الله ، وأن يشعر العبد دائما بأن عمله ليس وحده كافيا للنجاة ، فاذا طالع العبد نفسه فى شىء ما ففى ذلك وبال عليه.
(٢) وردت (بالصاد) والصواب أن تكون بالسين ، وربما كانت (قضية) فى الأصل.
(٣) هكذا فى النسخة (ص) ونرجح أنها فى الأصل (لقابله الاشتباه) فى الاجتهاد اى ان النص على المواريث أزال كل اشتباه ينجم عن الاجتهاد.
(٤) وردت (يحمل) ونرجح أنها فى الأصل : (حمل) فقبلها جار.
(حاشية) لم يتعرض القشيري لمعنى (الكلالة) ولقد كنا نود لو أوضح الرأى فيها ، خصوصا وأن موضوعها منبهم ، وتسمى هذه الآية الأخيرة من سورة النساء بآية الصيف ، قال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم حدثنا مالك يعنى ابن مغول يقول سمعت الفضل بن عمرو عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الكلالة فقال : «يكفيك آية الصيف» فقال لأن أكون سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنها أحب إلى من ان يكون لى حمر النعم.