فإنَّ اللهَ يتوبُ عليهِ إنَّ اللهَ غفورٌ رحيم)
من استوفى أحكام التوبة فتدارك ما ضيّعه ، وندم على ما صنعه ، وأصلح من أمره ما أفسده ـ أقبل الله عليه بفضله فغفره (١) ، وعاد إليه باللطف فجبره.
قوله جل ذكره : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٠))
بيّن أنه لا يعذّب من يعذّب بعلّة ، ولا يرحم من يرحم بعلة ، وإنما يتصرف فى عبده بحق ملكه ، وأنّ الحكم حكمه ، والأمر أمره.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً)
من أقصاه الحقّ عن محلّ التقريب ، وأرخى له عنان الإمهال وكله إلى مكره ، ولبّس عليه حاله وسرّه ، فهو ينهمك فى أودية حسبانه ، وإنما يسعى فى أمر نفسه فيعمل بما يعود إليه وباله ، فأمر نبيّه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بترك المبالاة بأمثالهم ، وقلة الاهتمام بأحوالهم ، وعرّفه أنهم بمعزل عن رحمته ؛ وإنّ من ردّته القسمة الأزلية لا تنفعه الأعلال
__________________
(١) غفره أي غطاه وستر خطاياه.